فجر يوم غدٍ الأربعاء ستتزين سماء المملكة والعالم العربي بظاهرة فلكية مذهلة، حيث تشهد ذروة زخة شهب "إيتا الدالويات" السنوية، هذه الظاهرة الفلكية، التي تُنتج عن مرور الأرض قرب البقايا الغبارية لمذنب "هالي"، ستتيح فرصة مشاهدة نحو 20 إلى 30 شهابًا في الساعة، في حال كانت الظروف مثالية للرصد.
ووفقًا لما أكده رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة فإن هذه الزخة ستصل إلى ذروتها بين منتصف ليل الثلاثاء وحتى قبيل شروق شمس الأربعاء، حيث تكون أفضل ساعات الرصد من بعد منتصف الليل وحتى الفجر، سيصل الشهب في هذا التوقيت إلى أعلى نقطة في السماء بالقرب من كوكبة "الدلو" مما يمنح هواة الفلك فرصة لا تفوت لمتابعة هذه الظاهرة المدهشة.
يشير أبو زاهرة إلى أن الشهب تظهر نتيجة دخول شظايا حطام المذنبات إلى الغلاف الجوي بسرعة هائلة، حيث تحترق وتُشع خطوط ضوئية سريعة تُعرف بالشهب، تُعد هذه الزخة جزءًا من بقايا مذنب "هالي"، الذي يدور حول الشمس مرة كل 76 عامًا، ورغم أن الشهب تظهر بالقرب من نجم "إيتا الدلو" إلا أنه لا علاقة فعلية بين النجم والشهب نفسها، إذ يبعد نجم "إيتا الدلو" نحو 170 سنة ضوئية، بينما تحترق الشهب على ارتفاع يتراوح بين 70 إلى 100 كيلومتر فقط من سطح الأرض.
للحصول على أفضل رؤية لهذه الظاهرة الفلكية ينصح أبو زاهرة بالابتعاد عن مناطق التلوث الضوئي والبحث عن مواقع مظلمة، كما يُفضل الوصول إلى مكان الرصد قبل الذروة بنحو 30 إلى 45 دقيقة لتأقلم العين مع الظلام، حيث يكفي الاعتماد على العين المجردة لمتابعة الشهب دون الحاجة إلى أجهزة متخصصة، في هذه الليلة سيشاهد كل من يتابع السماء مشهدًا ساحرًا من الشهب المتناثرة في أنحاء السماء، في ظاهرة فلكية لا تُفوّت!
تستمر زخة شهب "إيتا الدالويات" في جذب انتباه عشاق الفلك والهواة على حد سواء حيث تعتبر فرصة فريدة لاستكشاف جمال السماء في ليلة من ليالي السنة، ومع ازدياد الاهتمام بهذه الظاهرة الفلكية يصبح من الممكن استخدام هذه اللحظات لتعزيز فهمنا للفضاء من خلال رصد حركة الشهب وتوثيق المسارات، إن هذه الظاهرة ليست مجرد حدث جميل بل هي أيضًا فرصة قيمة للعلماء لدراسة الحطام الكوني ومعرفة المزيد عن المذنبات التي تمر عبر مدارات كواكبنا.
الجدير بالذكر أن زخة شهب "إيتا الدالويات" ليست ظاهرة تحدث بمفردها بل هي جزء من سلسلة من الزخات الشهابية السنوية التي تحدث نتيجة مرور الأرض عبر الحطام الذي خلّفته المذنبات في مداراتها، ومع أن شهب "إيتا الدالويات" من الزخات الأكثر إثارة إلا أن هناك العديد من الزخات الشهابية الأخرى التي تحدث طوال العام، كل منها لها خصائص مميزة ومدى رؤيتها المتفاوت حسب التوقيت والموقع.
يعد اهتمام الأشخاص بهذه الظواهر الفلكية جزءًا من تعزيز الوعي الفلكي في المجتمعات العربية، حيث يشجع العديد من الهواة والمختصين على تنظيم فعاليات تعليمية ومشاركة الرصد مع الجمهور. ومع التطور التكنولوجي واستخدام الأجهزة الفلكية الحديثة، أصبحت هذه الظواهر أكثر قربًا للجمهور، إذ يمكن من خلالها تفاعل الناس مع الفضاء بشكل مباشر، مما يعزز من شغفهم واكتشافاتهم العلمية الجديدة.