وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية
رصاصة خلاف تنتهي بحبل القصاص: العدالة تُغلق ملف الجريمة في جازان
كتب بواسطة: رضا سمكي |

نفّذت وزارة الداخلية، صباح الثلاثاء الثامن من شهر ذو القعدة 1446هـ، الموافق السادس من مايو 2025م، حكم القتل قصاصًا بحق الجاني بدر بن محمد بن محمد بشيري، سعودي الجنسية، بعد إدانته بجريمة قتل مواطنه أحمد بن محمد بن عبده آل حيدر، وذلك إثر خلاف بينهما تطور إلى إطلاق نار أودى بحياة المجني عليه، وجاء في بيان وزارة الداخلية أن تنفيذ حكم القصاص تم في منطقة جازان، بعد أن اكتملت الإجراءات القضائية والشرعية المتبعة في مثل هذه القضايا، ومرور القضية بجميع مراحل التقاضي، التي انتهت بتأييد الحكم من محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، ثم صدور الأمر الملكي بتنفيذ الحكم وفق ما تقرر شرعًا.

وتعود وقائع الجريمة إلى واقعة مؤسفة شهدت تصعيدًا غير محسوب لعواقب الخلاف الشخصي بين الجاني والمجني عليه، حيث أقدم الجاني بدر بشيري على استخدام سلاح ناري وإطلاق النار على أحمد آل حيدر، فأصابه في رأسه إصابة مباشرة أودت بحياته، لم يُذكر في البيان الرسمي تفاصيل أوسع حول طبيعة الخلاف أو دوافعه المباشرة، غير أن الواقعة وُصفت بأنها خلاف تطور إلى ارتكاب جريمة قتل متعمدة، وباشرت الجهات الأمنية في منطقة جازان، فور وقوع الحادثة، موقع الجريمة وتمكنت -بفضل من الله- من تعقب الجاني والقبض عليه، وأوضحت وزارة الداخلية أن التحقيقات مع الجاني أسفرت عن اعترافه الكامل بالجريمة، وتوثيق الأدلة المادية التي أثبتت ارتكابه للفعل الجنائي دون لبس.

وأُحيل الجاني إلى المحكمة المختصة بعد استكمال إجراءات التحقيق، حيث صدر بحقه حكم شرعي بثبوت ما نُسب إليه من القتل العمد، وتم الحكم عليه بالقتل قصاصًا، وهو الحكم الذي تم تأييده من محكمة الاستئناف، ثم من المحكمة العليا، أعلى سلطة قضائية في المملكة، بما يعكس متانة النظام القضائي السعودي ودقة الإجراءات التي تضمن تحقيق العدالة الكاملة، وبعد استيفاء جميع الشروط النظامية، صدر أمر ملكي بتنفيذ الحكم الشرعي الصادر، ليتم التنفيذ رسميًا في صباح يوم الثلاثاء بمدينة جازان، وسط إجراءات أمنية وتنظيمية، وفق ما تنص عليه أنظمة المملكة في مثل هذه الحالات.

وشددت وزارة الداخلية، من خلال بيانها الرسمي، على أن تنفيذ حكم القصاص يُجسّد التزام حكومة المملكة بتحقيق العدالة والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره، مؤكدة في الوقت ذاته أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية يأتي في صدارة أولويات النظام العدلي في المملكة، وجاء في البيان: "ووزارة الداخلية إذ تعلن عن ذلك لتؤكد حرص حكومة المملكة على استتباب الأمن، وتحقيق العدل، وتنفيذ أحكام الله في كل من يتعدى على الآمنين أو يسفك دماءهم"، مشيرة إلى أن القصاص ليس فقط إجراءً عقابيًا بل هو دعامة للأمن المجتمعي ووسيلة لردع من قد تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم مشابهة.

ويستند حكم القصاص في المملكة إلى تعاليم الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تُعد المرجع الأساس للتشريع في البلاد، وقد استشهد بيان وزارة الداخلية بالآيتين الكريمتين: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى"، و"وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، في تأكيد صريح على أن القصاص يمثل حماية للمجتمع وردعًا للجريمة، ويُعيد الحق لذويه ويصون الدماء، وفي حين تتيح الشريعة الإسلامية لأولياء الدم خيار العفو مقابل الدية أو دونها، فإن الحكم بالقصاص يُنفّذ عندما يرفض أولياء القتيل العفو ويطالبون بإقامة الحد، وهو ما جرى في هذه القضية، ما يشير إلى تمسك ذوي المجني عليه بحقهم الشرعي في القصاص.

ولاقت أنباء تنفيذ الحكم في جازان اهتمامًا واسعًا لدى الرأي العام، إذ عبّر كثير من المواطنين عن احترامهم لسيادة القانون ووقوفهم مع حق العدالة في أخذ مجراها، وأشار عدد من المهتمين بالشأن القانوني إلى أن تنفيذ القصاص في قضايا القتل العمد يحمل دلالات واضحة على صرامة النظام القضائي وفعاليته في حماية الأرواح وردع الجرائم، ويرى مراقبون أن مثل هذه الأحكام تسهم في ترسيخ الثقة في الجهاز القضائي، خاصة وأنها تُنفّذ بعد مرورها بجميع مراحل المراجعة القضائية، بما في ذلك المحكمة العليا، ما يمنح الحكم النهائي قوة قانونية وشعبية كبيرة.

وفي ظل التحديات المتزايدة التي قد تواجه المجتمعات من جرائم القتل والخلافات التي قد تنقلب إلى أعمال عنف دموية، يبقى القصاص في المنظومة العدلية السعودية ليس فقط تطبيقًا لنص شرعي، بل وسيلة فعّالة لحماية المجتمع وتحقيق العدل، وإذ تُعلن وزارة الداخلية عن تنفيذ الحكم، فإنها توجه رسالة واضحة لكل من تُسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم، بأن العقاب الشرعي سيكون بانتظاره، دون تهاون أو تأخير، وأن أمن المواطن والمقيم سيظل أولوية لا مساومة عليها.