بدأت القوات البحرية الهندية فجر الجمعة عمليات عسكرية انتقامية في بحر العرب، مستهدفة مواقع متعددة داخل الأراضي الباكستانية، وذلك رداً على تصعيد عسكري باكستاني كبير شهدته الساعات الأخيرة. وأكدت مصادر مطلعة أن العمليات الهندية انطلقت في الساعات الأولى من صباح الجمعة وتركزت على استهداف مواقع استراتيجية باكستانية في المياه الإقليمية وبعض المناطق الحدودية، في خطوة تعكس تصميم نيودلهي على الرد بحزم على ما اعتبرته استفزازات باكستانية متكررة. وتأتي هذه العمليات البحرية في إطار سياسة أكثر صرامة تنتهجها الحكومة الهندية برئاسة ناريندرا مودي تجاه أي تحركات عدائية قد تهدد الأمن القومي الهندي، خاصة في المناطق المتنازع عليها بين البلدين.
ويأتي هذا التطور الخطير بعد يوم واحد فقط من قيام باكستان بمحاولات شن هجمات صاروخية استهدفت مناطق في جامو وكشمير الهندية، إضافة إلى هجمات بطائرات مسيرة في مناطق أخرى متفرقة من الأراضي الهندية، بما فيها منطقة جيسالمير في ولاية راجستان الحدودية. وقد أدى هذا التصعيد الباكستاني إلى حالة من التوتر الشديد في المنطقة، خاصة وأن سكان مدينة جامو الهندية سمعوا مساء الخميس أصوات انفجارات مدوية وصافرات إنذار، مع رصد وسائل إعلام محلية لما يشتبه بأنها طائرات مسيرة تحلق فوق المدينة. وتسببت الانفجارات في انقطاع تام للتيار الكهربائي في المدينة، وفقاً لما أكده شش بول فايد، المدير العام السابق للشرطة في المنطقة، الذي أشار إلى اشتباهه بوقوع قصف بالقنابل أو قصف مدفعي أو صاروخي.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الهندية في بيان رسمي نشرته على منصة "إكس" أن مراكز عسكرية هندية في جامو وباثانكوت وأودهامبور تعرضت لهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ باكستانية الصنع على طول الحدود الدولية في منطقة جامو وكشمير. وأكدت الوزارة أنه تم تحييد التهديدات بسرعة باستخدام قدرات حركية وغير حركية، بما يتماشى مع إجراءات التشغيل القياسية المعمول بها، مشددة على أنه لم تُسجل أي إصابات بشرية أو خسائر مادية جراء هذه الهجمات. وأضافت مصادر عسكرية هندية أن أنظمة الدفاع الجوي الهندية نجحت في اعتراض جميع الصواريخ الباكستانية التي أطلقت باتجاه الأراضي الهندية، مما يعكس تطور القدرات الدفاعية الهندية وجاهزيتها العالية للتعامل مع مثل هذه المواقف الطارئة.
ولم تقتصر الهجمات الباكستانية على مدينة جامو فقط، بل امتدت لتشمل مناطق أخرى من إقليم كشمير المتنازع عليه، في تصعيد غير مسبوق منذ سنوات في النزاع المستمر بين البلدين. ويرى محللون عسكريون أن هذا التطور يمثل نقطة تحول خطيرة في طبيعة المواجهة بين القوتين النوويتين، إذ تحولت من مناوشات محدودة على خط السيطرة إلى استهداف مباشر لمواقع عسكرية داخل عمق أراضي البلدين. وقد أثار هذا التصعيد العسكري المتبادل مخاوف متزايدة في الأوساط الدولية من احتمالية تطور الأزمة إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق، خاصة وأن العلاقات بين نيودلهي وإسلام آباد شهدت توتراً متصاعداً خلال السنوات الأخيرة نتيجة الخلافات المستمرة حول قضية كشمير والاتهامات المتبادلة بدعم الإرهاب عبر الحدود.
ومن المتوقع أن تتابع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة التطورات الميدانية بين البلدين عن كثب، خاصة في ظل المخاوف من امتداد تداعيات هذا التصعيد إلى استقرار منطقة جنوب آسيا بأكملها، التي تمثل واحدة من أهم المناطق الاستراتيجية والاقتصادية في العالم. وتسعى العديد من القوى الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة والصين وروسيا، إلى احتواء التوتر بين البلدين منعاً لاندلاع مواجهة مباشرة قد تهدد السلم والأمن الدوليين، خاصة وأن كلا البلدين يمتلك قدرات نووية. وفي الوقت الذي يترقب فيه العالم الخطوات المقبلة لكلا الطرفين، تتزايد الدعوات الدولية لضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية بعيداً عن لغة التصعيد العسكري التي قد تقود المنطقة إلى مواجهة خطيرة لا تحمد عقباها.