التطويف المركزي
مبادرة مبتكرة: برامج معرفية أثناء الطواف لأول مرة في موسم الحج
كتب بواسطة: محمد صالح |

في مشهد يعكس روح العناية والرعاية التي توليها المملكة لحجاج بيت الله الحرام، فعّلت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي المسارات الإثرائية التابعة للإدارة العامة لشؤون التطويف والمطوفين، ضمن برنامج التطويف المركزي لموسم حج 1446هـ وذلك بالتعاون مع المجلس التنسيقي لشركات أرباب الطوائف، البرنامج الذي يُعد أحد المبادرات النوعية في منظومة خدمات الحجاج يهدف إلى تقديم تجربة دينية متكاملة يتداخل فيها التنظيم بالإرشاد، ويتّحد فيها الأداء المناسكي بالوعي الروحي والمعرفي.

هذا التفعيل لم يكن إجراءً تنظيميًا عابرًا بل تجسيدًا لرؤية واضحة ترتكز على إثراء تجربة ضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء نسك الطواف بطريقة تليق بروحانية المكان وعظمة الزمان، فبرنامج التطويف المركزي لا يقتصر على تسهيل الحركة داخل صحن الطواف بل يتعداه ليشمل الاستقبال والمرافقة والتوعية وكل ذلك بأسلوب مبني على السنة النبوية يضمن أن يعيش الحاج شعور الطمأنينة واليقين أثناء تنقله بين الشعائر.

قد أوضح معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس رئيس الشؤون الدينية أن الإدارة العامة للتطويف والمطوفين تُعد من أبرز التخصصات الدينية التابعة للرئاسة، وتُدار وفق ترتيبات تنظيمية دقيقة تضمن تقديم الخدمة بمستوى عالٍ من الاحترافية، وبيّن أن مبادرة التطويف المركزي تُعد أحد العناوين البارزة في هذا الموسم كونها تضيف بعدًا إيمانيًا ومعرفيًا لتجربة الحاج وتجعل من نسكه رحلة قلبية وعقلية، يتلقى خلالها التوجيه الصحيح والتذكير بالمقاصد العظيمة لهذه الشعيرة المباركة.

منذ بداية الموسم بلغ عدد الحجاج الذين استفادوا من هذه المبادرة أكثر من 13,470 حاجًا، ينتمون إلى ثقافات وجنسيات متعددة اجتمعوا على هدف واحد هو أداء النسك بطُمأنينة واتباع، هؤلاء الحجاج تلقوا الخدمة من أيدٍ سعودية مؤهلة تمتلك العلم الشرعي والدراية الميدانية وتُقدّم الإرشاد بأسلوب مهذب يحمل في طياته روح الحفاوة والسنةويعكس الوجه الأصيل لمهنة الطوافة، التي تعدّ من أعرق المهن الدينية في تاريخ مكة المكرمة.

لأن جودة الخدمة لا تكتمل إلا بالمتابعة الدقيقة تتولى إدارة التطويف في المسجد الحرام مسؤولية الإشراف على المطوّفين ميدانيًا، والتأكد من التزامهم بالتعليمات والضوابط الشرعية والتنظيمية، ولا تقتصر مهام المطوّف على الإرشاد فقط بل هو حاضر كقيمة دينية ومعنوية يوجه ويُذكّر ويُضفي على رحلة الطواف بُعدًا مختلفًا من الفهم والسكينة.

تحرص رئاسة الشؤون الدينية على أن يكون حضور المطوفين في خدمة الحجيج انعكاسًا حقيقيًا لسماحة الإسلام ووسطيته فتدعوهم إلى الالتزام بالأدعية المشروعة والابتعاد عن البدع والتعامل مع الحاج بلين ورفق ومحبة، كما تحثهم على أن يُجسدوا القيم العليا لهذا الدين العظيم فيصدق قولهم ويحسن فعلهم ويُشرق وجه المملكة من خلال خدمتهم.

في النهاية فإن تفعيل هذه المسارات ليس فقط جزءًا من خطة تنظيمية للحج بل هو نموذج حيّ لكيفية تحويل الخدمة الدينية إلى تجربة تُلامس القلب والعقل وتترك في نفس الحاج أثرًا لا يُنسى يعيده كلما ذكر طوافه إلى لحظة وقوفه في صحن الكعبة محاطًا بكلمة طيبة، ورفقة مباركة، وتوجيه صادق.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار