في تطور خطير على صعيد التصعيد الإقليمي المرتبط بتداعيات الحرب في غزة، شنّت القوات الأميركية والإسرائيلية سلسلة غارات متزامنة استهدفت مواقع ومنشآت مدنية في اليمن، ما أسفر عن تدمير واسع النطاق طال البنى التحتية الحيوية، في مقدمتها مطار صنعاء الدولي ومحطات كهرباء في مناطق متفرقة من العاصمة ومحافظة عمران، وبينما حاولت واشنطن وتل أبيب تبرير هذا الهجوم، جاء رد جماعة الحوثي المصنفة ارهابياً أكثر حدةً، وأكثر وضوحًا، مع اعلان الحركة أن عملياتها الداعمة لغزة مستمرة "مهما كلف الأمر من تضحيات".
وفي تصريحات صحفية صدرت اليوم، قال محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي في حركة الحوثيين، إن "العدوان الأميركي – البريطاني – الصهيوني" على اليمن لن يثني الحركة عن مواصلة دعمها العسكري لغزة، مؤكدًا أن استهداف الأعيان المدنية ما هو إلا انعكاس لفشل الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة صمود القوى المناهضة لعدوان غزة، على حد تعبيره.
وشدد البخيتي على أن هذه الهجمات، رغم قسوتها، "لن تنال من التأييد الشعبي الواسع الذي تحظى به العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة"، مضيفًا: "نقول للأميركي والبريطاني والصهيوني: انتظروا الرد اليمني، فهو قادم، ولن يكون كأي رد سابق"، وتابع: "نحن من سيفرض قواعد الاشتباك، لا العدو".
والضربات التي وُصفت بالأعنف منذ بدء التصعيد على الجبهة اليمنية، طالت في العاصمة صنعاء مناطق استراتيجية وأخرى مدنية، حيث استهدفت الغارات، وفق وسائل إعلام يمنية، محطة كهرباء "ذهبان" المركزية في مديرية بني الحارث، ومحطة "حزيز" في مديرية سنحان، ومحطة توزيع "عصر" في مديرية معين، إضافة إلى منطقة "عطان" جنوب غرب العاصمة، كما استُهدف مطار صنعاء الدولي بأكثر من عشرين غارة جوية، سبقتها تهديدات علنية من جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء المطار "على الفور".
وفي بيان مقتضب صدر بعد تنفيذ الهجمات، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن العملية "أخرجت مطار صنعاء عن الخدمة بالكامل"، مشيرًا إلى ضربات أخرى وُجّهت إلى "محطات طاقة في محيط العاصمة"، وتزامن ذلك مع قصف طال محافظة عمران، استهدف تحديدًا مصنع "أسمنت عمران"، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية جسيمة وسقوط عدد من المصابين، بحسب مصادر محلية.
واللافت في العملية الأخيرة، كما رصد مراقبون، هو تصاعد التنسيق العسكري الأميركي – الإسرائيلي في مسرح عمليات يتجاوز حدود الأراضي الفلسطينية، وينقل المواجهة إلى ساحات جديدة، أبرزها اليمن ولبنان، في إطار ما يبدو أنه محاولة لتضييق الخناق على القوى المناهضة للهيمنة الإقليمية، والمشاركة فعليًا في معركة غزة من خارج حدودها الجغرافية.
وتُعدّ هذه الضربات تطورًا نوعيًا في حجم الاستهداف، إذ إنها لم تقتصر على مواقع عسكرية مفترضة، بل امتدت إلى بنى تحتية مدنية حيوية، في سابقة تشير إلى تغيّر محتمل في طبيعة الاشتباك بين محور المقاومة والقوى الغربية – الإسرائيلية، ويقرأ البعض هذا التحول على أنه محاولة لردع الحوثيين عن مواصلة استهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، وهي العمليات التي تبنّتها الحركة كجزء من دعمها لغزة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر الماضي.
ولكن تصريحات البخيتي تشير إلى أن هذه الغارات قد تكون لها نتائج عكسية، إذ قال: "استهداف منشآت مدنية لا يُعد إنجازًا عسكريًا، بل فضيحة أخلاقية، وستدفع ثمنها الأطراف المعتدية"، وأضاف: "محاولات فرض قواعد جديدة للعبة من قبل الكيان الصهيوني لن تنجح، ونحن مَن نحدّد خطوط الاشتباك، وسنوسّع الرد إذا اقتضت الحاجة".