الذكاء الاصطناعي مادة أساسية في مدارس الإمارات
الإمارات تتخذ قرارات جديدة لتصدر المستقبل في الذكاء الاصطناعي
كتب بواسطة: بدور حمادي |

في خطوة نوعية ترسخ مكانتها كدولة رائدة في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي كمادة دراسية أساسية ضمن المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية في المدارس الحكومية، ابتداءً من العام الدراسي 2025 – 2026، وتشمل هذه الخطوة غير المسبوقة مراحل التعليم كافة، من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، مما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى تسعى إلى تمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل. 

وأكدت وزارة التربية والتعليم الإماراتية أن هذا القرار يأتي ضمن التوجه الوطني لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والتقنية، وترسيخ ريادة الدولة عالميًا في ميدان الذكاء الاصطناعي، وأوضحت الوزارة أن إدراج هذه المادة يهدف إلى تعزيز مهارات الطلبة المستقبلية، وتزويدهم بالقدرات اللازمة للتفاعل مع أنظمة ذكية وصناعة حلول مبتكرة ترتكز على أدوات الذكاء الاصطناعي، سواء في مجالات التعليم أو الاقتصاد أو الصحة أو غيرها من القطاعات الحيوية. 

وأشارت الوزارة إلى أن المنهج الجديد سيتضمن مفاهيم الذكاء الاصطناعي بشكل تدريجي يتناسب مع المراحل العمرية للطلبة، بدءًا من المفاهيم البسيطة في مرحلة رياض الأطفال، ووصولًا إلى التطبيقات المتقدمة في المراحل الثانوية، بحيث يتمكن الطالب في نهاية المرحلة المدرسية من فهم المبادئ التقنية والبرمجية التي تقوم عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي، واستخدامها في حل المشكلات الحياتية والمهنية.

ومن جهتها، أكدت معالي وزيرة التربية والتعليم، سارة بنت يوسف الأميري، أن إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة أساسية في النظام التعليمي الإماراتي يمثل ترجمة عملية للرؤية المستقبلية لحكومة دولة الإمارات، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إعداد جيل يمتلك وعيًا معرفيًا وأخلاقيًا حول تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقادر على استخدام هذه الأدوات بطرق مبتكرة ومسؤولة. 

وقالت الوزيرة إن الإمارات تؤمن بأن التعليم هو الحاضنة الأولى لأي تحول مستقبلي، وإن تمكين الطلبة من أدوات الذكاء الاصطناعي يعد أحد أهم الركائز لضمان قدرتهم على المساهمة في بناء مستقبل الدولة وتعزيز تنافسيتها العالمية، وأضافت أن التركيز لن يكون فقط على الجانب التقني، بل سيمتد إلى الجانب القيمي والأخلاقي لضمان الاستخدام المسؤول والواعي لهذه التقنيات. 

ويأتي هذا التوجه ضمن سلسلة من الخطوات التطويرية التي تتبناها وزارة التربية والتعليم الإماراتية خلال السنوات الأخيرة، والتي شملت تحديث المناهج، وإدخال البرمجة والروبوتات، وتعزيز الثقافة الرقمية بين الطلبة والمعلمين، ووصولًا إلى تطوير البنية التحتية الرقمية للمدارس. 

كما تعمل الوزارة، بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، على إعداد كوادر تعليمية متخصصة قادرة على تدريس مفاهيم الذكاء الاصطناعي، من خلال برامج تدريبية متقدمة وشهادات مهنية معتمدة، وتُولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بتطوير محتوى تعليمي تفاعلي ومبتكر، يتيح للطلبة التعلم من خلال التجربة والمحاكاة والمشاريع التطبيقية. 

طموح الإمارات في مجال الذكاء الصناعي

وتعكس هذه الخطوة الطموحة التزام دولة الإمارات بتحقيق رؤيتها الوطنية بأن تكون من بين الدول الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، وفقًا لاستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي التي أطلقت عام 2017 كأول استراتيجية من نوعها على مستوى المنطقة، وتسعى هذه الاستراتيجية إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وخلق اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والابتكار. 

ويأتي التعليم في صلب هذه الرؤية، باعتباره البوابة الأولى لغرس مهارات الذكاء الاصطناعي في المجتمع، وتأهيل أجيال قادرة على تطوير حلول تقنية محلية، وتعزيز الاكتفاء الوطني في الكوادر التكنولوجية. 

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها الإمارات بخطوات رائدة نحو دمج التكنولوجيا في التعليم، إذ سبق أن أطلقت مبادرات عدة مثل مدرسة للتعليم الرقمي المجاني، والمدرسة الإماراتية الرقمية، فضلاً عن توفير بنية تحتية رقمية متطورة جعلت من الدولة نموذجًا في التعليم عن بُعد خلال جائحة كوفيد-19.

وقد أشادت تقارير دولية عدة بالتجربة الإماراتية في التحول الرقمي في التعليم، مشيرة إلى أن الدولة تمتلك واحدة من أكثر البيئات التعليمية مرونة واستعدادًا لتبني تقنيات المستقبل، وتؤسس هذه المبادرة الإماراتية الطموحة إلى تغيير جذري في مفهوم التعليم، حيث لم يعد التركيز منصبًا فقط على نقل المعرفة، بل على تمكين الطلبة من أدوات إنتاج المعرفة وصناعة الحلول، ومع إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة أساسية، تدخل الإمارات مرحلة جديدة من الاستثمار في الإنسان، لتصنع جيلاً متمكنًا من لغة العصر، وقادرًا على الإبداع في بيئة عالمية تتسارع فيها الابتكارات التكنولوجية.