يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة تصعيدية كبرى في النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، إذ يخطط لفرض رسوم جمركية على واردات أميركية بقيمة 100 مليار يورو، في حال فشل المحادثات الجارية لتسوية الخلاف، هذه الخطوة تأتي ردًا مباشرًا على الرسوم الإضافية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي لا تزال سارية على عدد من المنتجات الأوروبية رغم تعليق بعضها مؤقتًا.

وفقًا لمصادر دبلوماسية أوروبية نقلتها وكالة فرانس برس، فإن المفوضية الأوروبية أبلغت الدول الأعضاء في التكتل خلال الأسبوع الماضي أنها بصدد إعداد قائمة مفصلة بالبضائع الأميركية التي ستُستهدف بهذه الرسوم، هذا الإجراء يأتي تحسبًا لفشل المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، والتي لم تحقق تقدمًا ملموسًا حتى الآن، رغم إعلان واشنطن عن نيتها تعليق الرسوم الإضافية بنسبة 20% حتى يوليو المقبل، كفرصة أخيرة للوصول إلى تفاهم تفاوضي.

في الوقت الراهن، لا تزال الرسوم الجمركية الأساسية بنسبة 10% مطبقة على مجموعة من السلع الأوروبية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى رسوم إضافية بنسبة 25% مفروضة على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات، وبحسب المفوض التجاري الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، فإن حوالي 70% من صادرات التكتل الأوروبي تخضع بالفعل لتعريفات جمركية تتراوح بين 10% و25%، ما يضع ضغطًا متزايدًا على الشركات الأوروبية ويزيد من حدة القلق داخل الاتحاد.

التصعيد المرتقب لا يأتي بمعزل عن التصريحات الرسمية، حيث أشار سيفكوفيتش خلال جلسة للبرلمان الأوروبي إلى أن ما يقرب من 97% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 549 مليار يورو، معرضة لخطر فرض رسوم إضافية، خاصة في ظل التحقيقات الأميركية المتزايدة في قطاعات مثل الأدوية والأخشاب، هذا التهديد الشامل يعكس توجهاً أميركياً لاستخدام السياسة التجارية كأداة ضغط في مفاوضاتها الثنائية.

القائمة الأولية للسلع المستهدفة من قبل الاتحاد الأوروبي يُتوقع نشرها يوم الخميس، ووفقًا لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، من المرجح أن تشمل القائمة طائرات "بوينغ"، في خطوة قد تؤثر بشكل مباشر على واحدة من أبرز رموز الصناعة الأميركية، في المقابل امتنعت كل من شركة بوينغ والمفوضية الأوروبية عن التعليق على هذه المعلومات.

من جهته عبّر غيوم فوري المدير العام لشركة إيرباص، عن أمله في أن تُخضع بروكسل الطائرات الأميركية لنفس نوع الرسوم التي فرضتها واشنطن على المنتجات الأوروبية، في حال مضت الولايات المتحدة قدمًا في فرض تعريفاتها الجديدة، وأضاف أن تطبيق مثل هذه الإجراءات سيكون بمثابة رد منصف يحمي التوازن في قطاع صناعة الطائرات العالمية.

يبقى الاتحاد الأوروبي حذرًا، لكنه يبدو أكثر استعدادًا من أي وقت مضى للدخول في مواجهة تجارية مع واشنطن إذا ما تطلب الأمر ذلك، وبينما يسعى الطرفان لتفادي حرب تجارية شاملة، فإن المؤشرات الحالية لا توحي بانفراجة قريبة، ما يضع الاقتصاد العالمي على عتبة توتر جديد.